responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 242
النَّاسِ، فَلَيْسَ تَشْرِيفُ اللَّهِ إِيَّاهُمْ بِسُكْنَى الْعَوَالِمِ الْعُلْيَا بِمُوجِبٍ بُنُوَّتَهُمْ لِلَّهِ وَلَا بِمُقْتَضٍ لَهُمْ إِلَهِيَّةً، كَمَا لَمْ يَكُنْ تَشْرِيفُ عِيسَى بِنِعْمَةِ الرِّسَالَةِ وَلَا تَمْيِيزُهُ بِالتَّكَوُّنِ مِنْ دُونِ أَبٍ مُقْتَضِيًا لَهُ إِلَهِيَّةً وَإِنَّمَا هُوَ بِجَعْلِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ.
وَجُعِلَ شَرْطُ لَوْ فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَشِيئَةَ لَمْ تَزَلْ مُمْكِنَةً بِأَنْ يُعَوِّضَ لِلْمَلَائِكَةِ سُكْنَى الْأَرْضِ.
وَمَعْنَى (مِنْ) فِي قَوْلِهِ: مِنْكُمْ الْبَدَلِيِّةُ وَالْعِوَضُ كَالَّتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ [التَّوْبَة: 38] .
وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِ (جَعَلَنَا) ، وَقُدِّمَ عَلَى مَفْعُولِ الْفِعْلِ لِلِاهْتِمَامِ بِمَعْنَى هَذِهِ الْبَدَلِيِّةِ لِتَتَعَمَّقَ أَفْهَامُ السَّامِعِينَ فِي تَدَبُّرِهَا.
وَجُمْلَةُ فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ بَيَانٌ لِمَضْمُونِ شِبْهِ الْجُمْلَةِ إِلَى قَوْلِهِ: مِنْكُمْ وَحُذِفَ مَفْعُولُ يَخْلُفُونَ لِدَلَالَةِ مِنْكُمْ عَلَيْهِ، وَتَقْدِيمُ هَذَا الْمَجْرُورِ لِلِاهْتِمَامِ بِمَا هُوَ أَدَلُّ عَلَى كَوْنِ الْجُمْلَةِ بَيَانًا لِمَضْمُونِ مِنْكُمْ. وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ وَعَلَيْهِ دَرَجَ الْمُحَقِّقُونَ. وَمُحَاوَلَةُ صَاحِبِ «الْكَشَّافِ» حَمْلُ مِنْكُمْ عَلَى مَعْنَى الِابْتِدَائِيَّةِ وَالِاتِّصَالُ لَا يُلَاقِي سِيَاق الْآيَات.
[61]

[سُورَة الزخرف (43) : آيَة 61]
وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)
وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها.
الْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ [الزخرف: 44] وَيَكُونُ مَا بَيْنَهُمَا مُسْتَطْرِدَاتٍ وَاعْتِرَاضًا اقْتَضَتْهُ الْمُنَاسَبَةُ.
لَمَّا أُشْبِعَ مَقَامُ إِبْطَالِ إِلَهِيَّةِ غَيْرِ اللَّهِ بِدَلَائِلِ الْوَحْدَانِيَّةِ ثُنِي الْعِنَانُ إِلَى إِثْبَاتِ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ، عَوْدًا عَلَى بَدْءٍ. وَهَذَا كَلَامٌ مُوَجَّهٌ مِنْ جَانِبِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى الْمُنْكِرِينَ يَوْمَ الْبَعْثِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَام النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَضَمِيرُ الْمُذَكَّرِ الْغَائِبُ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ مُرَادٌ بِهِ الْقُرْآنُ وَبِذَلِكَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست